المحتوى :
•
السياق
•
تعليم أم
تعلم
•
الفرق بين
التعليم وجهاً لوجه والتعلم عن بعد
•
واقع
إدارة التعلم عن بعد
•
دور
الأستاذ في عملية التعلم عن بعد
•
حلول
ومقترحات
•
الخاتمة
السياق :
بين ليلة وضحاها وجدنا أنفُسَنا مُلزمين بالبقاء في
ببيوتنا. طُلب منا أن نسارع الى استبدال التعليم المباشر بالتعليم عن بُعد لضمان
"الاستمرارية التربوية"، وهكذا كان. ولكن، " الكلام اسهل من الفعل !
"
كما هو معروف فالبيئة الافتراضية لديها خاصئِصُها وهي
غالبًا ما تكون مخيفة للبعض، لذلك، من الضروري تنظيمها من أجل تهيئة مناخ يؤدي إلى
التعلم.
لحُسن الحظ، يظل الدور الأساسي للأستاذ في عملية الـتعلم
عن بعد الى حد ما هو نفسه في المباشر : فهو يصمم ويُطلِق عملية التعلم ويسهل
الأنشطة التي تضمن المشاركة المعرفية للمتعلمين مما يؤدي إلى التعلم المطلوب.
كما نعرف، يتخلل التدريس عن
بعد سلسلة من الأنشطة المتزامنة وغير المتزامنة المرتبطة ببعضها البعض والمرتبطة
بأهداف التعلم، فلا يتوقف التعلم مع انتهاء الحصة الدراسية ؛ يتم التعلم أحيانًا
خلال الحصة وأحيانًا خارجها. لذا، السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ليس
"ماذا سنعطي طلابنا خلال مؤتمر الفيديو التالي/Visio
conférence ؟"،
بل بالأحرى "متى وكيف نعلم طلابنا وأي محتوى ؟".
أمام كل هذا يجد البعض نفسه عاجز عن التعامل مع هذه
المعضلة، ألا وهي : كيفية استبدال التعليم المباشر بالتعلم عن بُعد.
تعليم أم تعلم :
كما هو
معروف يدخل الأستاذ الجامعي بشكل عام عالم التدريس دون الخضوع لأي دورة تدريبية، أما
أساتذة المدارس في لبنان وخصوصاً قي القطاع الرسمي فقد خضعوا لدورات تدريبية مكثفة
ابتداءً من العام 1997، أساتذة لم يخضعوا بمعظمهم للتأهيل أو للاعداد
مسبقاً بغية ممارسة عملية التعليم، كانوا بمعظمهم حاملين ٳجازة في الاختصاص فقط (أدب عربي، فرنسي، انكليزي أو
رياضيات علوم، الخ.). فأتت النتيجة : كمن يخلع عَنكَ اللباس التقليدي والطربوش ومن
ثم يُلبِسُك بدلة وربطة عنق فلم يكن لدى هؤلاء حيلة سوى قراءة النقد اللاذع التي
تعرضت له هذه المناهج في الصحف دون الأخذ بمتغيرات طرائق التعليم المقترحة ونسوا
أن الاستاذ القادر والمتمرس لا يسأل "ماذا تفعل بي المناهج والكتب بل ماذا أنا
بفاعل بهما ؟"
على صعيد
المدارس، لو كُنا أحسنّا استخدام مناهج
1996 وعلى صعيد الجامعات، لو كنا أحسنّا تطبيق نظام بولونيا LMD لما كنّا
وصلنا الى هنا فكلاهما يسعى الى تطوير كفايات الأستاذ - تطويرللذات بحسب تطور
العصر الذي بفعله تتطورت المناهج.
مناهج
1996 ونظام الـLMD لديهما مبدأ أساسي مشترك : المتعلم محور العملية التعليمية والذي يجعلنا نُيقن بأن المعرفة موجودة لدى المتعلم ؛
بذلك، كان من الأجدى علينا جميعاً فهم فلسفة هذه التربية الحديثة والتفكير بتدريب
الأساتذة على كيفية ٳدارة التعلم وليس التعليم، لكنا اليوم مرتاحون أكثر
مع عملية ادارة التعلم عن بعد.
خليل جبران قال :
" Nul homme ne peut rien
vous apprendre si ce n'est ce qui repose à moitié endormi dans l'aube de votre
connaissance."
وهذا القول يجعلني
أضع جانباً مصطلح تعليم لأستبداله بمصطلح تعلم وأن أُحدّثكم
بالتعلم عن بعد وليس بالتعليم عن بعد. ولكن، إن كنتم تعلمون عن بعد كما تعلمون
في صفوفكم فهذا بالفعل تعليم عن بعد ولكن عوض أن تكون أمام تلاميذك في الصف تكون
أمام الكاميرا ولكن هذا ليس بتعلم عن بعد، هذا تعليم ونقطة على السطر. (فجلوسك أنت
وتلاميذك في منازلكم لا يعني بأنك أصبحت بوضعية التعلم عن بعد).
الفرق بين التعليم وجهاً لوجه والتعلم عن بعد :
يتطلب التعليم وجها لوجه
وجود المعلم والمتعلمين في مكان واحد. يمكن أن يكون هذا النوع من التعليم
فرديًا أو جماعيًا. حيث يقوم المعلم بتزويد المتعلمين بمعلومات محددة في مجال معين
ولفترة محددة يتم تحديدها مسبقًا. وتستخدم في أغلب الأحيان طريقة التلقين اثناء
عملية التدريس المباشر حيث تذهب المعلومة باتجاه واحد من المعلم الى التلميذ ويكون
بذلك المعلم هو سيد العرفة حصرياً : هذا ما يجب أن نتخطاه ونتوخاه في عملية التعلم
عن بعد. فعملية التعلم عن بعد بشكل أساسي وفي عصرنا الحالي (عصر
التكنولوجيا) تتم من خلال الإنترنت، عبر منصات أو تطبيقات، ومن خلال اجهزة وأدوات
رقمية خصصت لهذه الغاية : الهاتف الذكي أو اللوحة الألكترونية أو الكمبيوتر. هناك
عدة أنواع من أنظمة التعلم عن بعد : Mooc,
Sooc, Cooc, والصفوف الافتراضية، ألخ.
تجدر الإشارة إلى أن ظهور التعلم عن بعد هو أبعد من
ربطه بالإنترنت حيث يرتبط تاريخه بتاريخ وضع أول طابع بريدي. بالفعل، حينها كان
يتم إرسال المواد التدريبية على شكل ورقي بالبريد.
بالعودة الى موضوعنا نذكّر
بانه من مزايا التعلم عن بعد توفير قدرًا أكبر من المرونة. ففي الواقع، يمكن
للمتعلمين الوصول إلى المواد التعليمية في أي وقت وأينما كانوا : هل ما يقوم به
اليوم بعض الأساتذة من تعلم عن بعد يحترم هذه الخاصية ؟ هل نقوم بوضع المحتوى بين أيدي
التلاميذ ؟
تختلف طريقة متابعة ودعم المتعلمين فيما إذا كان
التعلم عن بعد أو وجهًا لوجه يتميز التعلم وجهاً لوجه بالمتابعة والدعم المستمر
للتلميذ من قبل المعلم. نظرًا لوجودهما في نفس المكان فالمعلم في حالة التعليم
وجهاً لوجه قادر على الاستجابة مباشرة لاحتياجات المتعلمين. أما في حالة التعلم عن
بعد، تتم المتابعة وتقديم الدعم من خلال والوسائل المستخدمة المتنوعة والمتعددة
(الهاتف، منصة الإنترنت، الشبكات الاجتماعية، رسائل البريد الإلكتروني ، إلخ)، لذا
علينا الاستفادة من مقومات التكنولوجيا بغية جعل التلميذ يشعر بالأمان من خلال
متابعة الاستاذ له الكترونياً ودعمه باستمرار.
واقع إدارة التعلم عن بعد :
طريقة التعلم عن بعد لدى البعض في لبنان تعتمد على محاكاة التعليم
التقليدي الذي هو الآخر يشكو من العديد من المشاكل، فالطريقة التقليدية في
التدريس، تعدّ من ميزة المجتمعات التي عرفت الثبات، وحافظت عليه لفترات
طويلة، فكانت خير وسيلة بين المعلم والمتعلم قديما لنقل التراث الثقافي
المتراكم، دون المساعدة على بناء التفكير النقدي والرغبة بالاستكشاف، فتظهر
الصعوبات كثيرة على شكل الإرهاق، والثقل، والملل، التي تبدو كضغط خارجي يقع على
فكر المتعلم، دون تعويده على الحكم والتفكير الشخصي؛ فينتفي مفهوم المشاركة في
العملية التعليمية؛ وهذا ما يحصل الآن مع بعض الأساتذة خلال عملية
التعلم عن بعد كونهم لايزالون مصرّين على طريقة التلقين والتي هي طريقة تسلطية في التعليم تجعل
التلميذ يستجيب باكتساب عادة الصم (أي الدراسة بالاستظهار).
ربط الكثير من علماء النفس
والتربية أنماط التعليم وأساليب التدريس بالدافعية فهي توجه السلوك لتحقيق الأهداف
المنشودة. ودافعية التعلم يتعلق بعضها بالنواحي الداخلية للمتعلم
وبعضها الآخربعوامل خارجية ولهذا فان عملية التعلم تخضع للعديد من الشروط المميزة
التي تؤثر بشكل فعال على سلوك المتعلم. وتعتبر بيئة التلميذ التي يتلقى فيها التعلم
عن بعد احدى العوامل المؤثرة على دافعيته في التعلم. وبذلك فانه لا بد من التخطيط
للموقف التعليمي من حيث الحاجة إلى معرفة إمكانيات المتعلم، وميوله واهتماماته،
وأساليب تنشيط دافعيته ولا يجب أن أتعامل مع تلاميذي بالطريفة نفسها التي
هي وجهاً لوجه.
واجه بعض الأساتذة تحديات كثيرة في التدريس عن بعد
لأسباب عديدة ومنها عدم معرفتهم التامة ببيئة المتعلم الواقعية أثناء الشرح أو
بالأشخاص المحيطين به، مما أدى في كثير من الأحيان الى عدم تمكن المتعلم من
إكتسابه للمخرجات التعليمية المرجوة. إضافة إلى ذلك عدم تمكن الأستاذ من معرفة ان
كان هناك من يرافق المتعلم خلال حصة التعليم عن بعد او ان كان هنالك اي تشويش من
جهة الأهل على تركيز المتعلم، كذلك تدخل الأهل في شرح المعلم الأمر الذي يسبب
مشاكل أخرى في عملية التعلم.
هذا ما يحثنا على التفكير بالدور الذي يجب أن يلعبه
الأستاذ المُستخدم للتكنولوجيا خلال عملية ادارة التعلم عن بعد.
دور الأستاذ في عملية التعلم عن بعد :
خلال عملية التعليم التقليدية كان الأستاذ المصدر
الوحيد والرئيسي للمعرفة ومحور العملية التعليمية، فهو الذي يقوم بنقل المعلومات
وبضبط المتعلمين الذين يطلب منهم الإصغاء والتلقّي داخل قاعات التدريس ؛ أمّا
اليوم في أعقاب الأزمة الصحية العالمية التي أجبرتنا على ادارة عملية التعلم عن
بعد، فقد اختلف هذا الدور وتغيّرت المهام ؛ فالأستاذ أصبح مصمّماً وميسّراً
ومنظّماً للعملية التعلمية، فهو الذي يختار المحاور والأنشطة التعلمية، ويقوم بدور
الموجّه والمرشد أثناء متابعته لتقدّمهم نحو تحقيق الأهداف المتوخاة من المادة.
وضع التعلم عن بعد الأستاذ في وَضعٍ مبهم المعالم فهو
سيّد اللعبة في وجه جمهور قادر على أن يكون بنفسه سيداً لها. ولم يعُد المثلث
التربوي الذي أعدّه هوساي هو نفسه، فمع دخول عامل جديد (التكنولوجيا) إلى عمله
اُضيف إلى هذا المثلث بعدٌ آخر تغيّر من خلاله دور الأستاذ.
المُلاحظ
في هذا الرسم، لم يعد الأستاذ المصدر الوحيد للمعرفة، فبفعل الثورة التكنولوجيا أصبح
التعليم متاحاً لجميع الأفراد على اختلاف مستوياتهم وثقافاتهم، وأصبح المتعلّم
يملك حرية تعلّم ما يشاء ومتى شاء وفق قدراته الأكاديمية واستعداداته النفسية
وأصبح يتمتّع بالاستقلالية في اكتساب المعارف. يبقى دور الأستاذ الأساسي، العمل
على توجيه الطلاب نحو تطوير استراتيجيات تؤدّي إلى الرغبة في التعلّم.
(يُبين
الرسم أدناه الأدورا المستجدة للأستاذ المُستخدِم للتكنولوجيا).
الحلول والمقترحات :
1 . حلول آنية : كيفية
التدريس اليوم أمام هذا الواقع المرير :
اعتماد إحدى الطرائق الثلاثة في عملية التعلم عن بعد
(وذلك بحسب خصوصية المادة ومستوى التلاميذ والمرحلة التعليمية) :
أولاً : يقوم المعلم بوضع محتوى المادة التدريسية
بمتناول التلاميذ (فيديو، موقع ألكتروني، محتوى الكتاب، ألخ)، وهذا يسمح لهم
بتحضير الدرس وفهمه، ويقوم المعلم في اليوم التالي بتنظيم أنشطة من خلال عمل
مجموعات (3 أو 4 تلاميذ كحد أقصى) يقتصر دور كل مجموعة على شرح ما فهمته ومناقشته
مداورةً ويحدد الأستاذ في كل مرة المحتوى الذي سوف يقوم بتحضيره التلاميذ بغية
شرحه لزملائهم تحت اشرافه.
ثانياً : توزيع المحاور التي ينوي الأستاذ التطرق
اليها مع تلاميذه، وترك عملية بناء محتوى المحور لهم وذلك عبر البحث عن مكونات
المحتوى من خلال المراجع المختصة والانترنت بتوجيه من الأستاذ (3 الى 4 طلاب حد
أقصى) ومن ثم تقوم هذه المجموعة في اليوم التالي بشرح المحور لزملائها تحت اشراف
أستاذ المادة.
في كلا الحالتين، تسمى العملية هنا بالصف المعكوس (Classe inversée) حيث
يتلخص دور الاستاذ بالمراقب والمحفّذ والموجه.
ثالثاً : يعتمد التعلم على الطريقة التقليدية المحسنة
من خلال تكثيف النشاطات الفردية والجماعية (نشاط جماعي كل 15 دقيقة) وذلك بهدف
تفعيل دور الطالب وتحفيزه بغية المشاركة ببناء المعرفة.
كما
لاحظنا في اقتراحنا حول كيفية التدريس عن بعد أعطينا لعمل المجوعات حيّز كبير،
فلعمل المجموعات أهمية
كبيرة خلال عملية التعلم عن بعد خصوصاً لجهة مكافحة الشعور بالعزلة، فهي تعزز التنافس
الاجتماعي-المعرفي ما بين الأفراد، الذي يسمح بالتبادل والتفاعل بهدف المساعدة التشاركية
فيما بين المتعلمين. بذلك، يبيِّن عمل المجموعة أهمية العمليات التعاونية في التعلم
التي تتحقق من خلالها النظرية البنائية .
يسمح هذا المنظور الذي تتحقق من خلاله
البنائية بإضافة أبعاد جديدة إلى العمليات الثلاث التقليدية : التعلم، عملية التدريس
والتدريب، والتي تنطوي على ثلاث مجموعات أخرى : المشاركة، التقاسم والتسهيل (أنظر
الرسم المرفق).
هكذا
وببساطة ومع اكتمال الحلقة حول عملية التعلم، نستطيع تسمية هذه العملية بالتعلم عن
بعد وليس التعليم عن بعد، ولا نتلهى كما يفعل البعض ليميزوا أنفسهم عن غيرهم
قائلين لنا "نقول التعليم من بعد وليس عن بعد". فلنكف عن التعنت في
مقاربة جذور الأزمة والاكتفاء بمقاربة قشور الحلول، منذ بدء الأزمة ونحن نسمع
بأسماء مئات الخبراء في مجال التعلم عن بعد ممن لا يعرفون التمييز ما بين التعلم
عن بعد والتعلم الالكتروني وبين Hybrid &Blende .
2. حلول على المدى منظور : التدريب على طرائق ادارة التعلم عن بعد :
في المركز التربوي للبحوث والانماء هناك فريق متخصص من
المدربين الذي لا بدّ أن يعمل المركز التربوي على تدريببهم وبشكل طارىء على :
•
طرائق
التعلم عن بعد،
•
إدارة
التعلم عن بعد،
•
مهام
الأستاذ في عملية التعلم عن بعد،
•
مبادىء
التعلم عن بعد،
•
فلسفة
التعلم عن بعد،
•
ألخ.
ومن ثم يقوم هؤلاء بدورهم بتدريب الأساتذة على هذه الأسس
جميعها.
3. حلول على المدى البعيد : البيئة الافتراضية
:
على كل مؤسسة تعليمية تريد الاستمرارية أن تعمد الى
خلق بيئة افتراضية من خلال منصة (Platform) تكون موازية
لعمل المؤسسة التعليمية لتفعيل التعلم الالكتروني الذي هو سمة العصر وأن لا تنتظر
الغير متوقع وتقع في المجهول، فدون منصة لا نستطيع أن نتقن التعلم عن بعد، فهي تسمح
من خلال محتوياتها :
للأستاذ : بـخلق مسارات تدريس نموذجية وفردية لمادته، دمج موارد تربوية متعددة الوسائط، وضع تمارين الكترونية تفاعلية متنوعة، متابعة
أنشطة المتعلمين، ألخ.
للتلميذ : بـالوصول
الى المحتوى التدريسي المطلوب عن بعد أو تحميله، اجراء التمارين، التقييم الذاتي، ارسال واجبته للتصحيح، تبادل الوثائق مع المتعلمين، ألخ.
للأستاذ والتلاميذ معاً : بـالتواصل
بشكل فردي أو جماعي، خلق
مواضيع للمناقشة، التعاون
بغية وضع وثائق ومستندات مشتركة، ألخ.
بغية ضمان نجاح أي منصة مخصصة للتعلم عن بعد يجب أن
تراعي عملية تفريد ايقاع التعلم(Individualisation) لكي تسمح للتلميذ بالتعلم بالتوجيه الذاتي(Apprentissage autodirigé) وذلك من خلال :
أولاً : التَنَوُع (Diversité) يجب على كل نظام تعلم،
تفريد المحتوى من خلال الأخذ بعين الاعتبار تنوع المتعلمين (ملامح (Profil) ومستويات فكرية مختلفة) بالتالي العمل على ملاءمة المحتوى مع
احتياجات المتعلمين. ويكون هذا ممكناً في حال توافرت في المحتوى الشروط
الرئيسة الثلاث : أن يكون قابل للُتَكيِيف (Adaptable)، قائم بذاته (Autosatisfaisant)، مُتَاح (Accessible).
·
محتوى
قابل للتَكيُف : مما يعني أنه يجب أن يتم وضع وانتاج المحتوى من خلال الأسس
اللآتية :
o
بحسب
الأهداف المطلوب اكتسابها : محتوى مخصص لاكتساب خبرة ما أو مهارة ما أو معلومات
معينة، وما إلى ذلك.
o
بحسب
المبادئ المنهجية العامة : وحدات تعليمية موزعة بحسب المكتسبات؛ التمييز بين
الأنشطة التي تعتمد على الاكتشاف والانشطة التطبيقية.
·
محتوى
مُتَاح Accessible :
بغية احترام التَنَوُع، يجب
أن يكون المحتوى التعلمي القابل للُتَكيُف والقائم بذاته مُتاح الى حد بعيد، مما
يعني على المحتوى الذي يعتمد التكنولوجيا أن يسهل عملية تنظيم التعلم وذلك من خلال
استخدام أساليب تسمح للمتعلم بوضع خطة زمنية/مكانية بأنشطته وبوتيرة التعلم التي
يرتئيها ؛ كما ينبغي أن يكون هناك أدوات تسمح بتصميم أنشطة تتيح للمتعلم حرية
الاختيار ان كان على صعيد المحتوى أو الأساليب والتفاعلات، وبالتالي تأخذ في
الاعتبار الخصائص الفردية لكل منهم.
ثانياً : التناسب مع الوضعية الخاصة بالتعلم (Appropriation avec la situation d’apprentissage) يجب
أن يتسم المحتوى أيضاً بالتناسب مع الوضعية الخاصة بالتعلم التي يجد نفسه فيها
المتعلم : يجب ان يكون المحتوى مصحوب بأدوات تمكن المتعلم من الحصول على المعرفة
من دون اللجوء إلى طريقة التدريس التقليدية ويُفترض أن تكون هذه الأدوات :
·
أدوات متخصصة للتعلم بالتوجيه الذاتي، وليس مجرد عملية
مكننة محتويات تعليمية؛
·
أدوات تتيح للمتعلم الفرصة بمواصلة تعلم التعلم ذاتياً
دون اللجوء لأي كان.
وللإجابة على هاتين الفرضيتين، لا بد من أن نسعى الى
تطوير نوعين من الأدوات، لكل منها خصائص محددة الأهداف : أدوات تعلم وأدوات دعم
للعمل من خلال التوجيه الذاتي.
o
أدوات
تعلم : الميزة الأولى الخاصة بأدوات التعلم هي
كونها تقدم للمتعلم مجموعة من الأنشطة تسمح بتغطية مختلف مراحل الاكتساب :
اكتشاف المعارف وتمارين تطبيقية على المهارات. كما يجب أن توفر هذه الأدوات لكل من
الأهداف، أنشطة اكتشاف، أنشطة تطبيقية ممنهجة من شأنها وضع المتعلم في وضعية
المستخدم الحقيقي، أنشطة تطبيقية غير ممنهجة حيث يقوم المتعلم بالممارسة بشكل يسمح
له بشيء من الحرية؛ مثال على ذلك : المحاكاة، والألعاب والأنشطة التي تعتمد على
المحتوى أكثر منه على الشكل والتعبير.
o
أدوات مساندة
التوجيه الذاتي : الميزة الأولى الخاصة بأدوات مساندة التوجيه الذاتي تتلخص في
توفير الفرص للمتعلم لمتابعة وتعزيز وتكملة تعلمه. لهذا النوع من الأدوات هدف مميز
وهو مساعدة المتعلم على ادارة تعلمه بنفسه
: فهذه الأدوات ليست بمثابة موارد تعلمية بل هي عبارة عن أدوات مساندة لعملية
التوجيه الذاتي.
نقول في الختام بأنه ومنذ في العام 1997 ونحن ننادي، كون
المعرفة أصبحت متاحة في كل مكان وزمان بفعل الثورة التكنولوجيا، بالبحث عن مهام
جديدة للمدرسة ودور جديد للمعلم لكي نتماشى مع تطورات العصر المتسارعة، ولقد كنا
ولا نزال مؤيدين لمقولة : " أصبحت
المدارس تسلي ومراكز التسلية تعلم " وخصوصاً اذ ما أصرينا على الثبات وعدم
التطور.
كما نود لفت النظر الى أن الكتاب المدرسي يحد برأينا من
المعرفة : قديماً، كانوا يعلمون الناس القراءة ويعتبرون بأن الانسان يستطيع أن
ينطلق من معرفة القراءة الى اكتشاف المعارف، من هنا يجب أن نغير نظرتنا للمعرفة
والمحتوى اليوم لكي نتماشى مع متطلبات العصر. لذلك يجب التنبه الى أهداف التربية الحديثة
على مستوى المدارس والـLMD على مستوى
الجامعات لمعرفة أي محتوى نضع بين يدي المتعلم لمعرفة ماذا نقيّم وكيف نقيم.
وفي النهاية نقول، منذ أن بدأنا خوض عملية التعلم عن
بعد تلقينا عشرات الاستمارات حول : كيف وماذا نعلم، وما رأيكم وما المدة الزمنية
المناسبة، وكيف تقييمون، ألخ. من هنا نقول بأن التربية ليست وجهة نظر، التربية هي نظريات
ومدارس وأسس صلبة وتجارب تمكننا من اكتساب المهارات بهدف تحسين وتطوير سلوكياتنا.
المراجع :
أحمد النجدي، منى عبد
الهادي سعودي، علي راشد، (2005) اتجاهات
حديثة في تعليم العلوم في ضوء المعايير العالميّة وتنمية التفكير والنظريّة
البنائيّة، دار الفكر العربي، القاهرة.
أسامة عبد الرحمن عبد
المولى، (2014) الدراسات الاجتماعيّة والتعلم الإلكتروني، الوراق للنشر والتوزيع،
الأردن، عمان.
حسن اسماعيل، يوسف ملك، (2014)، التعريف وتبسيط العلوم،
دار الفرابي، بيروت، لبنان.
حسن حسين زيتون، (2002) استراتيجيّات التدريس، رؤية
معاصرة لطرق التعليم والتعلم، مكتبة عالم الكتب، القاهرة.
زيد سليمان العدوان، أحمد
عيسى داود، (2016)، النظريّة البنائيّة الاجتماعيّة وتطبيقاتها في التدريس، مركز
ديبونو لتعليم التفكير، عمان، الأردن.
السعدي، عبد الرحمن وعودة، (2006) التربية العلميّة مداخلها
واستراتيجيّتها، دار الكتب الحديث، القاهرة.
عايش محمود زيتون، (2007)، النظريّة البنائيّة
واستراتيجيّات تدريس العلوم، ، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمّان ، الأردن.
عصام حسن الدليمي، (2014)، النظريّة
البنائيّة وتطبيقاتها التربويّة، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
فخري رشيد خضر، (2014)، طرائق تدريس الدراسات
الاجتماعيّة، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان.
يوسف ملك، (2015)، الآثار الايجابية لاستخدام تكنولوجيا
المعلومات والتواصل على التعليم بشكل عام والتعليم الجامعي بشكل خاص، الملتقى
الثقافي الجامعي، لبنان.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire